توقعات متباينة: رؤية مجلس المخابرات الوطني الأمريكي لعالم سنة 2040

قدم مجلس المخابرات الوطني الأمريكي رؤية قاتمة و غير مطمئنة للنظام الدولي خلال السنوات المقبلة. التقرير أشار إلى خمسة سيناريوهات محتملة للنظام العالمي بحلول سنة 2040.

أحد السيناريوهات يشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقود الديمقراطيات الصاعدة و ستكون هناك حالة ازدهار في حين يشير السيناريو الثاني إلى حدوث كارثة بيئية و أزمة نقص حادة في الغذاء في ظل غياب الولايات المتحدة الأمريكية عن قيادة العالم. أما السيناريوهات الأخرى فتتراوح بين التعايش التنافسي بين واشنطن و بكين و بروز عالم فوضوي و التحول إلى جزر منفصلة جراء إنهيار العولمة.
و قبل عرض السيناريوهات الممكنة تعرض تقرير مجلس المخابرات الوطني الأمريكي إلى ما أسماه ” الاتجاهات الحاكمة المتوقعة لعالم 2040″ و هي حسب ما ورد في التقرير:

  • تنامي عدم اليقين من جراء تفشي كورونا: اعتبر التقرير أن جائحة كورونا هي الحدث الأكثر أهمية منذ الحرب العالمية الثانية معتبرا أن تداعياته الصحية و الإقتصادية و السياسية و الأمنية السلبية ستمتد لسنوات خاصة و أنها أدت إلى فقدان ثقة الأفراد بالاقتصاد و الحوكمة و الجغرافيا السياسية و التكنولوجيا.
  • زيادة التوترات الدولية بسبب التغيرات المناخية: يرتبط التغير المناخي بالعديد من الظواهر من بينها المخاطر الناجمة عن الهجرة الجماعية و دور الاحتباس الحراري في تقسيم المجتمعات على المستوى المحلي و انعدام الأمن المائي و الغذائي و هو ما سينعكس سلبيا على الاستقرار الإجتماعي خاصة و أن الاحتباس الحراري سيوجد ظواهر جوية متطرفة ستترك آثارها السلبية على أغلب الدول.
  • صعود ظاهرة التفكك المجتمعي
  • اتساع الفجوة بين احتياجات المواطنين و القدرات الحكومية.
  • تزايد عدم قدرة المؤسسات الدولية و التحالفات على مواجهة التحديات العالمية المعقدة.
  • تفاقم التوتر السياسي بفعل التكنولوجيا.
  • دور وسائل الإعلام الحقيقية أو الاصطناعية في زعزعة استقرار المجتمعات من خلال ” تشويه الواقع و الحقيقة ” بدرجة كبيرة ، و نشر المعلومات المضللة. كما أن توزيع الذكاء الاصطناعي بقدر غير متساو بين الدول و داخل المجتمعات من شأنه أن يبرز و يفاقم التفاوتات الموجودة بالفعل.
  • تزايد خطر الاستخدام المتزايد للعملة الرقمية و هو ما سيفضي إلى ” تعقيدات في سلوك السياسة النقدية عن طريق الحد من سيطرة الدول على أسعار الصرف و الإمدادات النقدية”.
  • إستمرار التنافس بين الفاعلين من الدول و غيرها و سيترك العديد من الآثار المحتملة على أمن الدول على كافة المستويات الأمنية و الإقتصادية و العسكرية.
  • القدرة على التكيف أشار التقرير إلى أن ” التحديات العالمية المتتالية ستختبر قدرة الدول على المرونة و التكيف و لكنها ستتجاوز قدرة الأنظمة و النماذج الحالية في الغالب.
  • إعادة تشكيل الأمن القومي الأمريكي لأن الأمن القومي لن يرتبط بالجيش و مؤسسات المراقبة فقط بل يمر منذ ظهور كورونا بقدرة الدولة على التكيف و تحمل التحديات العالمية المشتركة.
  • تزايد الصراعات الجيو سياسية الدولية. يرى التقرير أنه من الصعب أن يتبلور نظام أحادي القطب و سيزداد دور القوى الإقليمية لتخلق بذلك بيئة جيو سياسية أكثر عرضة للصراع و التقلب المستمر مع انخفاض فرص التعاون الدولي.

خمسة سيناريوهات متوقعة لعالم 2040

1- نهضة الديمقراطيات بقيادة أمريكية: ستعود الولايات المتحدة الأمريكية لقيادة النظام الدولي مرة أخرى من خلال قيادة مجموعة من الديمقراطيات الصاعدة. و حسب هذا السيناريو ستستفيد كل الدول من هذا السيناريو لأنه سيحقق تقدما هاما في المجالين الإقتصادي و التكنولوجي و لن يستثني إلا روسيا و الصين لأنهما سيعانيان من تعثر النمو الاقتصادي و من ضغط نظم سياسية تقتل الإبتكار و هو ما يجعل موسكو و بكين تقومان بأعمال عدائية تجاه الدول المجاورة.

2 – بروز عالم فوضوي بلا إتجاهات حاكمة: في هذا السيناريو سيتسم النظام الدولي بكونه فوضويا بلا ملامح واضحة أو إتجاهات محددة و ستغذي الصين هذا التوجه الذي يوفر أرضية للجماعات الإرهابية و الإجرامية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط و إفريقيا. و يتوقع التقرير أن تجبر الصين ، مع حلول سنة 2035، الحكومة التايوانية على مناقشة قضية التوحيد و من ثم ستتجه إلى التوسع في عدد من الأقاليم الأخرى و لن يكون بمقدور أي دولة إقليمية مجابهة الصعود الصيني.

3 – تعايش تنافسي بين واشنطن و بكين و وفق هذا السيناريو ستتنافس الصين و الولايات المتحدة الأمريكية في إطار منافسة القوى العظمى و ستتمكن كل دولة من تحقيق النمو الاقتصادي و ستتنافسان لقيادة النظام الدولي في ظل عالم منقسم في إطار من الإحترام و القبول المتبادل للقواعد الحاكمة لتفاعلاتهما و هو ما يؤدي إلى انخفاض احتمالات اندلاع حرب كبرى.

4 – إنهيار العولمة و التحول إلى ” صوامع منفصلة” ستنهار العولمة وفق هذا السيناريو و ستظهر عدة تكتلات حول كل من الولايات المتحده الأمريكية و الصين و روسيا و الاتحاد الأوروبي أساسا. في هذا السيناريو تتعطل حركة التجارة الدولية و ستفقد العديد من القطاعات أهميتها و قدرتها على الربح مثل قطاع السياحة على سبيل المثال. و هذه التكتلات من شأنها أن تعصف بالدول النامية التي ستجد نفسها بينها بما ينذر بتحول بعضها إلى دول فاشلة.

5- ثورة عالمية من القاعدة إلى القمة: و تأتي في صورة فشل الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة النظام الدولي إذ من المتوقع أن تندلع ثورة من القاعدة إلى القمة ستحدث عقب تغيرات عالمية مدمرة حيث ستتفاقم أزمة نقص الغذاء نظرا إلى حدوث كارثة بيئية كبيرة على المستوى العالمي و في هذا السيناريو سيصبح الاتحاد الأوروبي متعاونا مع الصين لتوزيع المساعدات الإنسانية على نطاق واسع.

هشام لفريقي

شاهد أيضاً

بعد 100 عام: تركيا تعلن تغيير إسمها وطريقة نطقه بالإنجليزية رسمياً

قررت السلطات التركية، اليوم الاثنين، رسمياً تغيير اسم البلاد وطريقة نطقه باللغة الإنكليزية، بحسب ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *